أخبار عاجلة

من بيئة الأهوار إلى ساحة العقاب قصة معاناة المنتفضين خلال الانتفاضة الشعبانية تحت نظام صدام حسين

e3949121-b26a-46a1-8ff7-3d29fa2f2359-300x171 من بيئة الأهوار إلى ساحة العقاب قصة معاناة المنتفضين خلال الانتفاضة الشعبانية تحت نظام صدام حسينمن بيئة الأهوار إلى ساحة العقاب قصة معاناة المنتفضين خلال الانتفاضة الشعبانية تحت نظام صدام حسين

تحقيق صحفي: سجى اللامي/رصد نيوز

في آذار من عام 1991 وبعد أيام قليلة من انتهاء حرب الخليج الثانية انفجرت شرارة الانتفاضة الشعبانية في مدن الجنوب العراقي من البصرة إلى الناصرية والعمارة والنجف وكربلاء حيث خرج الناس والجنود المنسحبون يطالبون بالحرية وإنهاء سنوات القمع والحرمان رد نظام صدام حسين بآلة عسكرية ثقيلة اجتاحت المدن والقرى مستخدمة الدبابات والطائرات في قمع غير مسبوق راح ضحيته الآلاف من المدنيين والمتمردين على حد سواء لكن المشهد الأكثر مأساوية كان في أهوار الجنوب تلك المسطحات المائية العريقة التي شكلت على مدى قرون بيئة فريدة وثقافة متجذرة لأهلها

الأهوار الممتدة بين محافظات ميسان وذي قار والبصرة كانت وقتها ملاذاً طبيعياً للفارين من بطش النظام بعد الانتفاضة فأهل الأهوار الذين يُعرفون بالمعدان استقبلوا الكثير من المعارضين والمقاومين مما جعل النظام ينظر إليهم كحاضنة تمرد يجب معاقبتها لم يكتفِ باستخدام السلاح ضدهم بل لجأ إلى أسلوب عقابي غير مسبوق وهو تجفيف الأهوار نفسها عبر تحويل مجاري الأنهار وحفر قنوات وسدود وقطع المياه عن بحيرات الهور الكبير وهور الحويزة وهور الحمار لتجفيفها وتحويلها إلى أرض قاحلة في محاولة لخنق المقاومة وتهجير سكانها

بهذه السياسة فقدت الأهوار أكثر من تسعين بالمئة من مساحتها خلال سنوات قليلة بحسب تقارير موثقة لمنظمة هيومن رايتس ووتش وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة حيث تراجع التنوع البيئي بشكل كارثي واختفت أنواع نادرة من الطيور والأسماك وتهجر عشرات الآلاف من سكان الأهوار إلى أطراف المدن أو إلى إيران بعد أن فقدوا بيوتهم المبنية من القصب ومصادر رزقهم القائمة على الصيد وتربية الجواميس والزراعة البسيطة كما طمست معالم حياة ثقافية كاملة من عادات وتقاليد جميلة

وتؤكد تقارير دولية منشورة في بداية التسعينيات مثل تقرير هيومن رايتس ووتش المعنون “الهجوم على عرب الأهوار” أن ما جرى لم يكن مجرد مشروع استصلاح بل عملية ممنهجة لمعاقبة مجتمع بأكمله على خلفية سياسية وأمنية كما وثقت صور الأقمار الصناعية التي نشرتها الصحافة الغربية آنذاك الانخفاض الحاد في المسطحات المائية بعد قرارات التجفيف الحكومية وأظهرت شهادات النازحين في إيران والأردن ممارسات الاعتقال والتعذيب والإعدامات الميدانية بحق من يُشتبه بتقديم الدعم للمعارضين

ورغم سقوط النظام عام 2003 ومحاولات إعادة إحياء الأهوار بدعم دولي ومحلي إلا أن الأضرار التي لحقت بالبيئة والمجتمع لا تزال حاضرة حتى اليوم فالكثير من الأسر لم تعد إلى مناطقها الأصلية ونمط الحياة التقليدي تراجع بشكل كبير إضافة إلى تحديات جديدة تتمثل في شح المياه والتغير المناخي ومشاريع السدود في دول المنبع لكن ذاكرة الانتفاضة الشعبانية وما تبعها من تجفيف للأهوار تبقى شاهداً على واحدة من أعمق المآسي البيئية والإنسانية في تاريخ العراق الحديث.

عن سجى اللامي

شاهد أيضاً

لا عودة للبعثيين والفاسدين والطائفيين

لا عودة للبعثيين والفاسدين والطائفيين بقلم: الحاج طالب الساعدي الأمين العام للانتفاضة الشعبانية المباركة الانتفاضة …