
بقلم :بشرى الشمري
في الخامس والعشرين من تشرين الثاني من كل عام، يقف العالم أمام قضية لا تحتمل التأجيل: العنف ضد المرأة. هذا اليوم لا يُعد مجرد مناسبة عابرة، بل هو صرخة عالمية تهدف إلى كسر دوائر الخوف والصمت التي ما تزال ملايين النساء عالقات داخلها.
عنف لا يُرى… لكنه يهدم حياة كاملة
العنف ضد المرأة يتخذ أشكالًا متعددة، قد لا تبدو للعلن لكنها تترك آثارًا عميقة. فهو ليس فقط عنفًا جسديًا مباشرًا، بل يشمل أيضًا:
كلمات تُطفئ الثقة في النفس.
تهميشًا داخل الأسرة والمجتمع.
ضغوطًا نفسية واجتماعية تُكبّل الروح.
حرمانًا من التعليم والعمل والقرار.
زواجًا قسريًا، واستغلالًا، وابتزازًا.
ورغم التطور الحضاري والقوانين الدولية، لا تزال المرأة في كثير من المجتمعات — ومنها مجتمعاتنا — تواجه أشكالًا من العنف تُمارس يوميًا خلف الأبواب المغلقة.
العراق… جرحٌ لم يندمل بعد
العراق، الذي مرّ بحروب وأزمات طحنت بنيته الاجتماعية، كانت نساؤه من أكثر الفئات تضررًا.
عانت المرأة العراقية من:
الترمل والنزوح.
ضغوط الإعالة وتربية الأبناء وحدها.
قيود اجتماعية تُبرر العنف باعتباره “سلطة” أو “تربية”.
غياب مظلة قانونية تحميها من العنف الأسري.
ورغم جهود منظمات المجتمع المدني وارتفاع أصوات الناشطات، ما يزال العراق بحاجة ماسّة إلى قانون حماية الأسرة، وإلى برامج حكومية تُعزز ثقافة الاحترام وتُجرّم الاعتداء بكل أشكاله.
لماذا نحتاج هذا اليوم؟
لأن هناك نساءً لا يستطعن أن يصرخن أو يشكين.
ولأن هناك فتيات صغيرات يكبرن على الخوف ويعتقدن أن العنف “جزء من التربية”.
ولأن المجتمع الذي لا ينصف نساءه سيظل عاجزًا عن النهوض مهما امتلك من الموارد.
اليوم العالمي للحد من العنف ضد المرأة هو فرصة لـ:
إعادة النظر في المفاهيم الاجتماعية الخاطئة.
دعوة الرجال قبل النساء لخلق بيئة آمنة.
تذكير الحكومات بأن كرامة المرأة جزء من كرامة الوطن.
مسؤولية الدولة والمجتمع
مواجهة هذه الظاهرة ليست مسؤولية المرأة وحدها، بل مسؤولية دولة ومجتمع كامل. ولتحقيق تغيير حقيقي، نحتاج إلى:
سن قوانين حماية صارمة تمنع الاعتداء وتعاقب مرتكبيه.
تمكين المرأة اقتصاديًا لتتمكن من اتخاذ قراراتها باستقلالية.
حملات توعية مجتمعية تشمل المدارس والجامعات والإعلام.
إنشاء مراكز حماية ودعم نفسي وقانوني للنساء المعنفات.
برامج تستهدف الرجال والشباب لبناء وعي جديد يرفض العنف بكل أشكاله.
المرأة ليست كائنًا ضعيفًا، بل هي نواة الحياة، وصانعة الاستقرار، وعماد الأسرة.
والعنف ضدها ليس قضية شخصية، بل قضية وطنية تمس الأمن الاجتماعي ومستقبل الأجيال.
وفي هذا اليوم… نحن لا نحيي ذكرى، بل نطلق رسالة مفادها:
مجتمع بلا عنف هو مجتمع قادر على النهوض… وقادر على الحياة.
رصد نيوز الدولية رصد نيوز