الحاشية الفخ الذي يسقط فيه المسؤول قبل أن يبدأ
بقلم الحاج طالب عبد الوهاب الساعدي
في الكثير من مواقع القرار يظهر مسؤول يمتلك نية صادقة ورغبة حقيقية في العمل والإنجاز إلا أن الطريق أمامه لا يكون مفروشاً بالورود ،فغالباً ما تحيط به “حاشية” أو مجموعة من المقربين، يتخذون موقعهم حوله لا لخدمة مشروعه، بل لخدمة مصالحهم الخاصة
هذه الحاشية قد تتحول إلى أكبر معوق أمام نجاحه، فهي التي تتحكم بآذانه، وتعيد صياغة الحقائق بما يخدم مصالحها، وتؤخر تنفيذ التوجيهات الصادرة منه عمداً وبهذا يظهر المسؤول أمام المواطنين وكأنه غير قادر على الوفاء بوعوده أو تطبيق برامجه، فيتولد الانطباع بأنه لا يملك الصدق أو الجدية، بينما الواقع أن الخلل يكمن في الحلقة الوسطى التي تعرقل إرادته.
الخطورة هنا لا تتوقف عند تشويه صورة المسؤول، بل تتعداها إلى إضعاف ثقة الجمهور بالمؤسسات بشكل عام. فحين يرى المواطن أن التوجيهات لا تنفذ، وأن المشاريع تتوقف عند مستوى الكلام، يترسخ لديه شعور بالخذلان وعدم المصداقية، حتى لو كان المسؤول مخلصاً في نواياه.
ولعل أبرز ما تحتاجه إدارة الدولة أو أي مؤسسة هو أن يدرك المسؤول أهمية اختيار فريق عمله، بعيداً عن المجاملات أو الضغوط،فنجاحه لا يقاس فقط بما يمتلكه من أفكار ورؤى، بل بقدرته على إحاطتها بأشخاص أمناء، لا يفرغون التوجيهات من مضمونها، ولا يجعلون الصادق يبدو كاذباً
إن إفشال المخلص من الداخل، عبر الحاشية، هو أخطر أشكال الفساد غير المرئي، وهو ما يستدعي شجاعة حقيقية من كل مسؤول لمراجعة دوائر من حوله، قبل أن يجد نفسه محاصراً بالوعود المؤجلة، وصورة مهزوزة أمام الناس.