
بقلم :بشرى الشمري
مع اقتراب كل دورة سياسية جديدة، يعود السؤال الذي يشغل الشارع العراقي قبل النخب والأحزاب: من سيقود الحكومة؟
هذا السؤال لم يعد تفصيلاً سياسياً عابراً، بل أصبح مرآة تُظهر حجم القلق الشعبي، وعمق الحاجة إلى قيادة قادرة على إنقاذ دولة أنهكتها التحديات والتقلبات.
اليوم، يتردد في كل مجلس، وفي كل محطة أخبار، وفي أحاديث الناس:
“من هو القادم؟ هل ننتظر مفاجأة؟ وهل تستطيع الطبقة السياسية تقديم وجه جديد يُشبه طموحات العراقيين؟”
العراقيون… شعب ينتظر أكثر مما يُعلن
لم يعد المواطن العراقي يبحث عن أسماء لامعة أو شخصيات لها تاريخ حزبي طويل.
بل يبحث عن سيرة نظيفة، موقف واضح، برنامج حكومي حقيقي لا يُكتب في ليلة واحدة ولا يُرمى على الطاولة بعد التصويت.
العراقيون يريدون رئيس وزراء:
لا يخشى اتخاذ القرار.
لا يتقاسم الدولة وفق المحاصصة.
ولا يوزّع المناصب كغنائم انتخابية.
يريدون قائداً يسمع صوت الشارع، لا صدى المكاتب الحزبية.
الفراغ بين الناس والسلطة… يزداد كلما اقترب الموعد
العراق اليوم يقف أمام مفترق طرق.
الأزمات تراكمت:
اقتصاد متذبذب رغم الوفرة المالية.
خدمات غائبة رغم عشرات الوعود.
أمن مستقر نسبياً لكنّه هشّ أمام التوترات السياسية.
بطالة تنهش الشباب.
هجرة فكرية واجتماعية تهدد مستقبل البلاد.
وسط هذا المشهد، يتساءل الناس:
هل سيأتي رئيس وزراء يملك الجرأة على قلب المعادلة؟
أم أنّ التغيير سيبقى مجرّد شعار موسمي؟
المرشحون في الظل… والمفاجأة التي تُطبخ ببطء
في الكواليس السياسية، تُطرح أسماء وتُسحب أخرى.
البعض يتقدّم في لحظة ويتراجع في أخرى.
لكن ما يميّز المرحلة الحالية أنّ الأحزاب تتحفظ أكثر من أي وقت مضى على الاسم الذي تريد دعمه.
والسبب؟
خشية ردّة فعل الشارع، وخوف من أن يتحول اسم المرشح إلى عبء قبل إعلان ترشيحه.
لذلك، يبدو أن الطبقة السياسية تحاول صناعة مفاجأة؛
شخصية تُطرح في الوقت الأخير، تحمل صورة “المنقذ” الذي لم يتلوث كثيراً بصراعات الماضي.
فهل ستكون هذه المفاجأة حقيقية؟ أم مجرد تغيير في الوجوه بينما تبقى السياسات كما هي؟
معايير المواطن اليوم تغيّرت
منذ سنوات، كان الناس يبحثون عن “الشخصية القوية” فقط.
أما اليوم فقد تغيّر كل شيء.
العراقي يريد رئيساً للوزراء يمتلك:
رؤية اقتصادية لا تعتمد على النفط فقط.
قدرة على المفاوضة مع الداخل والخارج دون خسائر.
مشروع دولة لا مشروع سلطة.
إرادة حقيقية لإنهاء الفساد لا الاكتفاء بمحاربته إعلامياً.
احتراماً للدستور لا تحريكاً له وفق المصالح.
هذه المتطلبات لم تعد مثالية، بل أصبحت شرطاً للبقاء في الحكم.
هل سيمنح السياسيون العراق رئيس وزراء مفاجئاً؟
ربما.
لكن السؤال الأهم:
هل ستكون المفاجأة في الاسم… أم في الأداء؟
فالمواطن العراقي لم يعد يُخدع بالأسماء الكبيرة ولا بالشعارات الخطابية.
إنما ينتظر الفعل، ويبحث عن من يضع خارطة طريق واضحة تبدأ من الكهرباء والماء والوظائف، ولا تنتهي عند السيادة والأمن والاقتصاد.
العراق… ينتظر قائداً لا مُجرّد رئيس حكومة
القائد الذي يحتاجه العراق ليس مجرد موظف يجلس على كرسي رئاسة الوزراء، بل شخصية تؤمن بأن مستقبل البلاد أكبر من الأحزاب، وأن هيبة الدولة ليست ورقة سياسية، بل مسؤولية تاريخية.
شعبٌ كالعراقيين، قدّم كل هذا الصبر وكل هذا الأمل، يستحق أن يرى مفاجأة تليق بتضحياته…
مفاجأة تُعلن ولادة قيادة تستطيع بناء دولة مستقرة، قوية، عادلة، ومؤثرة في محيطها.
ويبقى السؤال الذي ينتظر الإجابة:
من هو القادم؟ وهل سيكون فعلاً قادراً على تغيير وجه العراق… أم أنّ المفاجأة المنتظرة لن تكون بحجم أحلام الناس؟
رصد نيوز الدولية رصد نيوز