البصرة وصمود الشعب صفحات من الانتفاضة الشعبانية
هيئة التحرير:رصد نيوز/ البصرة
في ربيع عام 1991، كانت البصرة إحدى نقاط التركيز الرئيسية للانتفاضة الشعبانية التي اندلعت في جنوب العراق، المدينة التي طالما شكلت مركزاً اقتصادياً وحضارياً، تحولت إلى مسرح لمواجهة غير مسبوقة بين المواطنين الذين خرجوا للمطالبة بالحرية ونهاية الاستبداد، وقوات النظام التي واجهتهم بعنف شديد.
بحسب شهود عيان وتقارير محلية، اندلعت الاحتجاجات بعد ساعات من انتشار أخبار عن انتفاضة مشابهة في المدن المجاورة، لتتسع رقعتها في غضون أيام قليلة
آلاف المواطنين، بينهم شباب وطلاب ونساء، خرجوا إلى الشوارع رافعين شعارات تطالب بالحرية وإنهاء سنوات القمع، مرددين عبارات تؤكد تمسكهم بحقهم في حياة كريمة.
المصادر المحلية تؤكد أن النظام استعمل كل أدوات القمع المتاحة: دبابات ومدرعات، وقصف جوي على أحياء مدنية مكتظة، إضافة إلى حملات اعتقال جماعية طالت المئات. لم يكن الهدف مجرد إنهاء الانتفاضة، بل إرسال رسالة رادعة لكل المدن الجنوبية، بأن أي خروج على النظام سيواجه بالقوة القصوى.
رغم هذه الحملة العنيفة، لم تتراجع شجاعة البصريين. أحياء المدينة شهدت مظاهرات مستمرة لعدة أيام، وأصبحت المراقد والمواقع الدينية مراكز لتجمع المنتفضين ومناصرة القضايا الإنسانية والوطنية، ما جعل من صمود البصرة رمزاً للكرامة في مواجهة آلة القمع.
المحللون السياسيون يشيرون إلى أن انتفاضة البصرة لم تكن عفوية بالكامل، بل كانت نتيجة تراكم سنوات من الظلم والفقر والتهميش، وغياب أي قنوات للتعبير السياسي
كما أن تضحيات المدينة وأعداد الشهداء الذين قضوا في تلك الانتفاضة، تبرز حقيقة صمود المجتمع المدني في مواجهة الطغيان، وتكشف هشاشة الأنظمة التي تعتمد على القوة فقط لقمع الشعوب.
اليوم وبعد أكثر من ثلاثة عقود، لا تزال انتفاضة البصرة حاضرة في الذاكرة الوطنية، ليس فقط كذكرى دماء طاهرة، بل كدرس مستمر للأجيال: أن الحرية والكرامة لا تنتزع إلا بالإرادة والصمود، وأن صوت الشعب قادر على تحدي الاستبداد مهما طال الزمن.