
المجتمع العراقي وضعف الأحزاب السياسية التي لها برامج سياسية تتقاطع وبرامج السلطة، وإستمرار نهج المحاصصة كوسيلة للحكم وغياب الديموقراطية وفساد القضاء، تقف ودون هذا التقلّص في قاعدتها الجماهيرية. فحتّى مقاطعة الجماهير للأنتخابات على سبيل المثال، لا يعني مطلقا أنّ السلطة فقدت قاعدتها الأجتماعية على الأطلاق. فهذه السلطة قادرة بخطاب أو فتوى أو تغريدة لأي رجل دين أو سياسي (شيعي- سنّي)، على تجييش الشارع طائفيا، وبالتالي تصبح القاعدة الأجتماعية اكثر وضوحا وسعة بعد أن يتمترس المجتمع خلف هوياته الفرعية وهذا ما تريده السلطة وتعمل على تغذيته.
أنّ ما يغيب عن بال الجماهير ومن عليهم قيادتها من أحزاب ومنظمّات سياسية اليوم وهي تتعامل بشكل سلبي مع ما يجري في البلاد، هو أنّ فقرهم وفقر بلادهم ونهب المال العام من قبل السلطة وأذرعها سيساهمان في تفكك البلاد وربمّا أنهيارها مستقبلا. فعملية تآكل ما لم يتم تآكله من مشاريع بنيت منذ عشرات العقود ستتم بطريقة دراماتيكية، في أوّل إنخفاض حقيقي لأسعار النفط وتأثيره الكبير على إلتزامات السلطة في توفير رواتب جيوش الموظفين الحقيقيين والذين لا تحتاج السلطة الا الى نصفهم في أحسن الحالات لتسيير أمور دوائر الدولة الغارقة بالبيروقراطية، ورواتب الميليشيات المسلّحة وتلك المخصصة لجيوش وهميين آخرين ، وسيرافقها حتما أنهيار منظومة الفساد التي تحكم البلاد اليوم تاركة إيّاها أي البلاد بخزائن فارغة وديون كبيرة وفقر وبطالة وبنى تحتية متهالكة.
إننا اليوم بحاجة ولخروج العراق من أزمته أو أزماته العميقة بالأحرى، الى عدم البحث عن حلول تأتي من السلطة وأحزابها، بل علينا أن نطرح أسئلة جديدة حول مستقبل شعبنا ووطننا، بعيدا عن خطاباتنا وتحليلاتنا السياسية القديمة تلك التي تجاوزها الزمن حول إمكانية ديموقراطية المنطقة الخضراء من حلّ مشاكل بلدنا وشعبنا. علينا أن نعلن وبوضوح من أنّ إستقرار بلدنا وبدء مشروع بناء الأنسان العراقي لا يتحققان وهذه الأحزاب على رأس السلطة. علينا إستفزاز العقل السياسي العراقي للعمل من أجل التغيير وخصوصا عقول الجماهير التي سعت وتسعى السلطة لتخلّفها، فمشاركة الجماهير في رسم سياسات البلاد هي الأساس لصياغة مشروع مجتمعي يضمن الديموقراطية الحقيقية في البلاد.
.