تسعى أمريكا لإطالة مدة بقاء قواتها العسكرية في العراق، بالتزامن مع الدعوات الشعبية والسياسية المطالبة بطردها من الأراضي العراقية، خاصة مع بدء مفاوضات الانسحاب، وعمدت الى استخدام أساليب ملتوية، بدءاً من الترويج لخطر تنظيم داعش الاجرامي، ووصولاً الى التشكيك بقدرة القوات الأمنية في العراق، على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، إلا ان تلك الحجج لم تثنِ مطالبات العراق بإنهاء الوجود الأمريكي، ما دفعها الى إثارة قضايا قديمة من شأنها ان تحيي الاقتتال الطائفي بين مكونات الشعب.
ومنذ فترة ليست بقليلة، بدأ الإعلام الأمريكي بالترويج لقضايا الغرض منها إثارة الفوضى والتخندق الطائفي، خاصة فيما يتعلق بقضايا عودة النازحين في المناطق التي شهدت معارك ضد تنظيم داعش الاجرامي، ومحاولة اتهام قوات الحشد الشعبي بمنع عودة النازحين الى مناطقهم، وهو ما يعيد الى أذهان العراقيين، خطابات تبعت عمليات تطهير المدن من عصابات داعش قبل ما يقارب السبع سنوات.
وبحسب تصريحات حكومية، فأن أغلب المناطق الساخنة شهدت عودة العوائل اليها وبموافقات رسمية، وزاولوا حياتهم بصورة طبيعية، وهناك تعاون بينهم وبين القوات العسكرية، وان بقاء قطعات من الحشد الشعبي أو القوات الأمنية هو لحماية تلك المناطق من عودة الارهاب خاصة وأنها تحوي خلايا نائمة، يمكنها ان تنشط في أية لحظة أو ثغرة أمنية، بالإضافة الى جغرافيتها المعقدة التي تزيد من صعوبة تأمينها أو تطهيرها من الإرهاب.
وكثف الاعلام الأمريكي مؤخراً، اللعب بورقة النازحين، وهو ما يفسره مراقبون بأنها محاولة يائسة من قبل واشنطن، للضغط على العراق، عبر إثارة الفتن لضمان بقاء قواتها، خاصة بعد فشل جميع محاولات البقاء، بالإضافة الى استمرار تهديد المقاومة الإسلامية العراقية لقواعدها، وبالتالي فهي تبحث عن فوضى جديدة تشغل فيها الرأي العام، لتحقيق أهدافها في البلاد.
وبهذا الخصوص، يؤكد المحلل السياسي حيدر عرب الموسوي، أن “أول من ادخل الطائفية الى العراق هي أمريكا، وقد أسست له منذ احتلالها عام 2003، مشيراً الى انها نجحت في زرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، والجميع شاهد على ما خسره العراق أيام الحرب الطائفية المقيتة”.
وقال الموسوي، إن “واشنطن عندما تواجهها أزمة في العراق، تلجأ الى الخيار الطائفي، الذي أسست له قبل سنوات من احتلال العراق، منوهاً الى ان واشنطن استمرت على هذا الأسلوب لسنوات عدة”.
وأضاف: ان “أمريكا كلما تشاهد العراق يشهد استقراراً أمنياً وسياسياً وعجلة الاعمار تتقدم، وهناك تآلف ما بين الشعب وحكومته، كلما قامت الولايات المتحدة في إحداث فوضى لتعكير صفو هذا الاستقرار”، منوهاً الى ان “الاستقرار يعني انهاء الوجود الأمريكي العسكري وهو ما لا تريده واشنطن”.
وأوضح: ان “الشعب العراقي أصبح واعياً للمؤامرات الأمريكية، ولا يمكن ان تنطلي عليه، خاصة وانه عانى الويلات والمآسي منها، وحارب تنظيم القاعدة وتنظيم داعش والمفخخات التي حصدت المئات من أبنائه”، مردفاً الى انه “لا أمريكا ولا دول الخليج باستطاعتها إعادة الطائفية الى العراق بأي شكل من الأشكال”.
وتابع: ان “أمريكا تريد ان تخلق حالة من الصِدام ما بين الحشد الشعبي والمواطنين، لأنها تعلم ان الحشد هو صمام أمان العراقيين، وان وجوده سيفشل جميع القوات الأمريكية في العراق والمنطقة، وهذا ما دفعها لمحاولة خلق فجوة بينه وبين أبناء الشعب”.
وتعد جريمة تفجير ضريح “الإمامين العسكريين” (عليهما السلام) في سامراء بداية 2006، البداية الفعلية للحرب الطائفية التي افتعلتها واشنطن في العراق، بمساعدة أدواتها وأذرعها من دول الخليج التي مدت الجماعات المسلحة في المناطق الغربية بالسلاح والمال لمواجهة وقتل القوات الأمنية، بحجة الدفاع عن أنفسهم من ردة الفعل الشيعية، بحسب ادعاءاتهم، لكنها في الحقيقة كانت البذرة الأولى التي زرعتها واشنطن في جسد العراق، والتي كانت سبباً بمئات القتلى في تلك الحقبة من الزمن.
واليوم تريد أمريكا، إعادة تجربتها السابقة في العراق، لكن هذه المرة عبر إثارة الفتنة بين القوات الأمنية والشعب العراقي، سيما الحشد الشعبي الذي يمثل الدعامة الأساسية للعراق.
شاهد أيضاً
الانتفاضة الشعبانية: تضحيات عظيمة تنتظر الاعتراف بحقها الإعلامي
الانتفاضة الشعبانية: تضحيات عظيمة تنتظر الاعتراف بحقها الإعلامي هيئة التحرير/ رصد نيوز في ربيع عام …