حاورته: سجى اللامي
جميعنا يعرف كيف يشعر الإنسان عندما تنخفض معنوياته أو عندما يساورنا شعور بالقلق أو عند الإحساس بأن الإنسان غير مسيطر على مجريات حياته وإن هذه المشاعر هي جزء طبيعي جداً من كتلة المشاعر التي تكون الإنسان وهي مركب أساسي من مجموعة الأحاسيس التي تشكل الطيف الكامل للكائن البشري، لكن علينا أن ندرك أن تعاظم هذه المشاعر قد يحدث مشكلة لدى الإنسان وتسمى هذه المرحلة بداية المرض النفسي الذي ينعكس على حياة الإنسان بكل صورها فنرى من يصاب بهذا المرض يلجئ إلى الانتحار أو الطلاق أو أعمال نسميها خارجة عن المألوف وأمور مخفية سنتعرف عليها سويا خلال هذا الحوار مع اختصاصي الطب النفسي في مستشفى الصدر العام في محافظة ميسان الدكتور عبد الأمير غالب الحمداني
*ما المقصود بمفهوم الصحة النفسية؟
_الصحة النفسية لا تعني مجرد خلو الإنسان من الأمراض بل تعني التوافق الذاتي وقدرة الإنسان على الشعور بالرضا والسعادة والحيوية والاستقرار وإيمانه بقيمته وقيمة الآخرين كي يمكنه من التعامل مع المواقف المختلفة في الحياة وهي كذلك تترجم في طريقه تعاملنا مع من حولنا في المجتمع بالإضافة إلى الإنتاج الملائم في حدود إمكانية الإنسان وطاقاته.
*ما هي الأسباب التي تؤدي إلى حصول المرض النفسي؟
_من المبادئ الرئيسة في أسباب الأمراض النفسية مبدئياً تعدد وتفاعل الأسباب فمن النادر أن نضع أيدينا على أحد الأسباب مثلا الصدمة ونقول إنه السبب الوحيد لمرض نفسي بغينه بل تتعدد الأسباب إلى الحد الذي قد يصيب فيه الفصل بينها أو تحديد مدى أثر كل منها فالحياة النفسية ليست من البساطة بحيث يكون اضطرابها رهناً بسبب واحد وتتخلص أسباب الأمراض النفسية في نتيجة تفاعل قوى كثيرة ومتعددة ومعقدة داخلية في الإنسان (جسمية ونفسية) وخارجية في البيئة (مادية واجتماعية) ومن أمثلة هذه الأسباب العيوب الوراثية والاضطرابات الجسمية والخبرات الأليمة خاصة في مرحلة الطفولة وانهيار الوضع الاجتماعي إضافة إلى الأزمات الاقتصادية والصدمات الانفعالية والمراحل الحرجة في حياة الفرد مثل سن البلوغ وسن القعود وسن الشيخوخة أو عند الزواج أو الإنجاب أو الانتقال من بيئة إلى أخرى أو من نمط حياة إلى نمط حياة أخر.
*ما هي أنواع الأمراض النفسية؟
_تتقسم الأمراض النفسية بصورة عامة إلى قسمين رئيسين هما الاضطرابان العصبية (الأمراض النفسية) التي يكون أعراض القلق محور هذه الأعراض والمريض هنا يمتلك البصيرة بمرضه ويدرك تماما كونه مريضاً
أما النوع الأخر فهو الأضطربات الذهنية (الأمراض العقلية) التي تتميز بوجود أوهام أو ضلالات أو هلاوس سمعية أو بصرية ويفقد المريض صلته بالواقع ولا يدرك كونه مريضاً حيث يكون هناك اضطراب واضح في التفكير والسلوك من انطواء وعزلة عن الناس والمجتمع وإهمال الذات والتصرفات غير طبيعية وغير مقبولة اجتماعياً وهناك اضطرابات لأخرى وتشمل اضطرابات الشخصية واضطرابات الجنسية والتخلف العقلي.
*هل لك أن تحدثنا عن واقع الصحة النفسية في محافظة ميسان وهل لاحظت وجود ثقافة عامة حول موضوع الصحة النفسية؟
_المرض النفسي موجود منذ وجد الإنسان على سطح الأرض وهو منتشر في كل مجتمعات العالم على اختلاف أنضمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفي محافظة ميسان بالذات لاحظنا نقصاً كبيراً في الوعي بمفهوم الصحة النفسية وما زال ينظر إلى المرض النفسي من زاوية ضيقة جدا فمعظم المرضى يراجعون بما يعرف بالعرافين والشيوخ ضناً منهم بأن هذه الأمراض تحدث نتيجة الحسد أو تدخل الجن أو غيرها من الأمور التي تأتي كنتيجة لموروث ديني واعتقادي قديم وحتى الذين يدركون بضرورة مراجعة الطبيب النفسي سواء من المرضى أو من عوائلهم فإن الوصمة الاجتماعية للمرض النفسي تمنعهم من ذلك خوف من العيب والانتقاص والفضيحة.