الإنفاق المفرط يهدد الخزينة… أنابيب النفط تدفع السوق نحو مجاهيل أزمة اقتصادية في المستقبل

يثير ارتفاع مؤشر الإنفاق الحكومي السنوي في الموازنة مخاطر ارتفاع التضخم خلال السنوات المقبلة، مع بقاء جدلية القطاع الخاص بعيدة عن رؤية تعيد ترتيب الواقع الاقتصادي الذي أطبقت على عنقه أنابيب نفط لا تزال موردا يتيما لخزينة الدولة التي كثيرا ما وضعت البلاد تحت حرج الإفلاس بسبب تقلبات الأسعار العالمية.
ويثير قلق ارتفاع العجز في موازنة العام الجاري لمستوى يتجاوز الثمانين تريليون دينار، مخاوف العراقيين الذين يواجهون وحدهم تلك الازمات المالية المحتملة بمسميات التقشف والديون التي اربكت الوضع العام وتفرض شروطا دولية صارمة على العراق.
ويرى الخبير الاقتصادي قاسم بلشان التميمي، أن البلاد تخضع في متبنياتها المالية للمزاج السياسي الذي يحرك الملفات بعيدا عن الرؤى والتصورات التي يفترض ان تخضع لمخرجات الاقتصاد الرصين.
ويبين التميمي أن “العديد من المستشارين الذين تعتمدهم الحكومة لا يمتلكون رؤية واقعية في رسم سياسة مالية مقبولة، لافتا الى ان خطر التقشف سيهدد خزينة الدولة اذا بقيت الأوضاع بعيدة عن الحلول التي من الممكن ان تعيد أنفاس القطاع الخاص”.
ويقول مستشار مالي مقرب من القرار، ان الحكومة تعمل ضمن محاولات نشطة لإعادة الحياة الى القطاع الخاص، وهي اشتغلت فعليا على إيجاد حركة مقبولة ضمن القطاع الزراعي.
ويشير المستشار الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، ان “صراع الحكومة مع الفاسدين لا يزال مستمرا للحيلولة دون استمرار كوارثهم التي تدفع شركات القطاع الخاص الى خوض مرحلة تعيد الإنتاج المحلي الى الواجهة، مؤكدا أن تغلغل هؤلاء في السوق والاستحواذ على الاستيراد والتصدير لا يزال يشكل عائقا كبيرا امام عملية التنمية، التي تدفع باتجاه تقليل الاعتماد على النفط”.
وفي السياق، يرى الباحث في الشأن الاقتصادي مصطفى حنتوش أن الدولة أمام تحدٍّ كبير، وأقل ما فيه هو استمرار بقاء قيمة الدينار العراقي على الوضع الحالي بشكل لا يضطر الجهات المسؤولة لرفع الحدود الدنيا للمرتبات.
ويضيف حنتوش أن “العراق مع هذا الإنفاق الكبير، حتى لو بقيت قيمة الدينار العراقي نفسها واستمر النفط بالارتفاع، فإنه لن يستطيع حتى بعد أربع أو خمس سنوات تأدية الرواتب والميزانية الاستثمارية”.
ومع حزمة إجراءات أطلقت خلال العامين الأخيرين لبث الحياة في مفاصل قطاعات إنتاجية “صناعية وزراعية”، ينصح مختصون رئيس الحكومة بضرورة التوجه نحو تفعيل ملف المبادرات الصناعية والزراعية بقوة لإيجاد كتلة تجار من الطبقة الصغيرة والمتوسطة والصعود بها تدريجيا لتهيئة أرضية مناسبة للتنمية.
وحتى مع حملة سابقة قالت عنها الحكومة إنها ستكون بوابة لإنهاء الفساد واستعادة مبادرة احياء السوق والتحول نحو خطة شاملة ستأتي ثمارها مطلع عام 2030، الا أن نتائج تلك التحركات على ارض الوقاع تؤشر تراجعا يقود الصناعة المحلية الى الوراء، ما يتطلب نقلة على جميع المستويات لإنقاذ الإنتاج المحلي من الهلاك الذي رافقه طيلة عقود.
ومع ذلك، فأن الشارع لا يزال يعول على برنامج حكومي قد يتمكن خلاله رئيس الحكومة من دق أسس رصينة تظهر ملامحها خلال السنوات المقبلة لحماية البلاد من انزلاق مالي محتمل.

عن يونس العراف

شاهد أيضاً

حيلة “مثيرة” في الموانئ: تكديس الحاويات وتأخير الشاحنات لجمع غرامات “مليارية”

وصف احد سائقي شاحنات نقل البضائع من موانئ البصرة الى محافظات العراق كافة، ما يحصل في الموانئ بأنه “قصة …