سرقة الطفولة

IMG-20231107-WA02431-186x300 سرقة الطفولة

بقلم /فاضل جاسم الكناني

طبيعة الذات البشرية والتي دائماً ماتتصف بأنها خالية من أي شوائب حين تكوينها حتى تخرج كما الورقة البيضاء .
الفطرة السليمة والعفوية الانسانية والحب والمصداقية وعدم التصنع هي أجمل مافي الطفولة. إذ لا يمكن للطفل أن يكون عدائي ما لم يكن هناك مسبب ولا يمكن أن يكون كاذب إذا ما وجد من زرع في ذاته هذه الصفة. والكثير من الصفات لا تأتي لا حينما يتم تعلمها من المحيط سواء العائلة أو المجتمع.
وهذا ما ينبئُنا على أن سلوك الأبناء ناتج حقيقي لتربية الأباء.
فشخصية الطفل من الجانب النفسي والقدرة على التطبع التربوي تبدأ منذ الولادة حتى الخمس سنوات .
إذ تعتبر هذه المرحلة هي المسؤولة عن كل سلوكيات الإنسان في مراحل حياته اللاحقة حتى الشيخوخة. ولها تأثير كبير على جوانب الشخصية النفسية والإجتماعية .
وهذا ما يصدقه القول المأثور التعلم منذ الصغر كالنقش على الحجر.
حيث إن هذا ما أثبتته دراسات علم النفس الإنساني في هذا المجال.
إذ يمكن للأباء أن يزرعوا الثقه بنفس الطفل في هذه المرحلة من خلال دعمه وعدم زجره او إهانته وأيضا تشجيعه بالشكل الذي لا يسلب طفولته .
وهنا لابد من التوقف قليلاً إذ يعمد أغلب الآباء أو الأمهات الى إعطاء الطفل مساحة كبيرة من الإهتمام بالشكل الذي يؤثر سلباً على الشخصية وهذا ما يعرف بالدلال الزائد ويعطي نتائج عكسية غير المرجية.
لتجعل من الطفل كيان مهزوز غير ثابت ومتكيف مع البيئة والمجتمع.
فالزيادة كالنقصان كما يعبرون .
كنعت الطفل بأنك أصبحت رجلاً عندما يتم تشجيعه. أو إفعلي العمل الفلاني فأنك امرأة قادرة .
ويعززون أقوالهم بأيكال أعمال هي أكبر من عمر الطفولة وكأنما يريدون بالطفل عبور سن أقرانه أو سرقة هذه المرحلة منه.
فالطفوله تحتاج الى إتاحة الحرية مع الحفاظ على بعض الجوانب أن لا تخرج عن إطارها العام أو مسارها الطبيعي.
ودائما ما تجد الطفل يحب إستكشاف الأشياء من خلال العمل فعلياً على معرفة بعض الامور أو من خلال السؤال لمن يحيط به وخصوصاً الوالدين وهنا لابد من توفير الإجابات وإتاحة الفرصة له للمعرفة.
فاللعب هو الوسيلة الوحيدة والأساسية التي يتم خلالها إكتشاف الكثير من الحقائق.
والكلام ومبادرة السؤال من جانب الطفل هي اللبنات الأساسية لبناء الشخصية و وضع حجر أساس مستقبلية الشخصية.
هنا يجب أن تعطى الطفولة مساحتها الكافية في تنشأة الذات والعمل على الحفاظ على مسار هذه المرحلة وعدم سرقة طفولة الطفل ونقله الى مرحلة هي أكبر منه سناً .
وهذه المشكله ما يعانيها أغلب ولاة أمور الأطفال في مجتمعنا.
متناسين هذه المرحلة وعبورها .
هذا ما يمكن إعتبارة أهمال مرحلة والعبور الى أخرى.
فالتربية والتنشئة السليمة تتوقف على إتاحة الفرصة للطفل في عيش حياته بالشكل الذي لا يتم فيه إهمال الجوانب التربوية والسلوكية والعمل على أن يأخذ الطفل فرصته في عيش جميع مراحل حياته ومنها أهم مرحلة وهي الطفولة.
فالمجتمعات المتطورة دائما ما تجعل الطفل محل إهتمام و أولوية في التعامل فتجدهم دائماً ما يقدمونه ويعتنون فيه حال وجود مراحل عمرية أخرى ولذا تجد أطفال تلك المجتمعات واثقون بأنفسهم قادرون على تحقيق ذاتهم لأنهم عاشوا بداية خالية من الإنكسار مما يعزز هذا أن أغلب أفراد تلك المجتمعات يمتلكون صحة نفسية جيدة غير مريضة.
وهذا عكس المجتمعات التي تعاني صراعات إجتماعية وسياسية أمثال المجتمعات النامية وغيرها حيث يعود علة حال أوضاعهم الى أسباب أهماها هذا الجانب المهم وهو جانب تنمية الطفولة وأشباع رغباتها .
وتعتبر الأسرة وطريقة عيش الوالدين هي المحطة الأولى التي يمكن الإنطلاق منها في تنمية هذا الجانب فالمشاكل الأسرية لا تقل شأناً عن صراعات مجتمع بأكمله لأن الطفل ينظر الى هذين الكائنين بأنهما القدوة والنبراس الذي يستلهم منهما كل أساسيات حياته.
فالأسرة الأمنة المستقرة تنشيء جيل واعي قادر واثق من نفسه .عكس الأسر التي تعاني صراعات وعدم إنسجام وبالتالي عدم إهتمام بالأبناء أو الطفولة ما ينتج أفراد يعانون سلوكيات نفسية غير سوية.
فالطفولة هبة الله سبحانه وتعالى وتنميتها مسؤولية تضامنية بين الأسرة والمؤسسة التعليمية والمجتمع وكل تقصير في هذه الجوانب سوف تسرق و تؤدي الى ضياع فرد يمكن أن يؤدي الى ضياع مجتمع بأكمله.

 

عن سجى اللامي

شاهد أيضاً

المرأة العراقية بين الاحتفال والتضحية اليومية

المرأة العراقية بين الاحتفال والتضحية اليومية مقال بقلم:  سجى اللامي يعتبر يوم المرأة العالمي مناسبة …