الانتفاضة الشعبانية 1991 الجنوب والوسط يرفعان صرخة رفض للجوع والإبادة

6049e509bbf55-1024x585-1-300x171 الانتفاضة الشعبانية 1991 الجنوب والوسط يرفعان صرخة رفض للجوع والإبادة

الانتفاضة الشعبانية 1991 الجنوب والوسط يرفعان صرخة رفض للجوع والإبادة

سجى اللامي/ رصد نيوز

لم تكن الانتفاضة الشعبانية في آذار عام 1991 حدثاً عابراً في تاريخ العراق، بل كانت واحدة من أكبر الثورات الشعبية التي انطلقت من قلب الجنوب وامتدت إلى مدن الوسط لتعلن بصوت واحد رفض الجوع ورفض القتل ورفض الإبادة. انطلقت الشرارة من البصرة حين أطلق جندي عراقي رصاصته على صورة صدام حسين في لحظة تحدٍّ عفوي تحولت إلى شرارة أشعلت الغضب المكتوم في صدور الناس، وخرجت الحشود إلى الشوارع تهتف بالحرية وتطالب بالكرامة، لينتقل المشهد سريعاً إلى النجف وكربلاء والناصرية والعمارة والديوانية والحلة، حيث ارتفعت الأصوات من الأسواق والمساجد والحسينيات مطالبة بإنهاء سنوات من التهميش والمعاناة. أبناء الجنوب والوسط لم يخرجوا سعياً وراء سلطة أو مكاسب، بل خرجوا لأن الفقر أثقل كواهلهم، والحروب أرهقتهم، والجوع حاصر بيوتهم، والقتل صار سيفاً مسلطاً على رقابهم.

النظام واجه هذه الصرخة الشعبية بأقسى درجات العنف، إذ أُدخلت الدبابات إلى المدن، وقصفت المروحيات الأحياء السكنية، وتحولت الساحات إلى مسارح للدم، واعتقل الآلاف وأعدم المئات في العلن لإرهاب الناس وكسر إرادتهم، لكن الجنوب الذي رفع شعار رفض القتل دفع ثمناً باهظاً حين امتلأت الأرض بالمقابر الجماعية التي ضمت رفات الأبرياء، لتبقى شاهداً صامتاً على قسوة البعث وعلى حجم المأساة التي عاشها العراقيون،لم يكتف النظام بالمجازر بل لجأ إلى عقاب مزدوج حين أقدم على تجفيف الأهوار ومعاقبة سكانها الذين احتضنوا المنتفضين، فدمرت بيئة طبيعية عاشت عليها أجيال وتحولت الجنة المائية إلى أرض يابسة، وكانت تلك جريمة إنسانية وبيئية لا تقل بشاعة عن المقابر الجماعية.

ورغم كل هذا، بقيت الانتفاضة صرخة كرامة صدحت من الجنوب إلى الوسط دون أن تجد صدى في الخارج، إذ اكتفى العالم بالصمت، ولم يتحرك المجتمع الدولي لحماية المنتفضين، تاركاً أبناء العراق يواجهون آلة القمع وحدهم. ومع أن الثورة لم تسقط النظام حينها، إلا أنها سجلت موقفاً أخلاقياً عظيماً ورسخت في الذاكرة الجمعية أن الشعوب حين تجوع وتقتل وتباد لا بد أن ترفض وتصرخ مهما كانت النتائج.

اليوم وبعد أكثر من ثلاثة عقود، ما زالت الانتفاضة الشعبانية حاضرة في ذاكرة الجنوب والوسط، تُروى في المجالس وتستعاد في المناسبات وتبقى رمزاً لكرامة شعب رفض أن يعيش تحت الجوع والخوف. إنها ثورة لم تغير المعادلة السياسية آنذاك، لكنها غيّرت وجدان العراقيين، وأثبتت أن الحرية والكرامة أثمن من حياة في ظل القهر، وأن دماء الشهداء وصرخات الثوار ستبقى وصمة عار على جبين البعث وصفحة مشرقة في تاريخ الجنوب والوسط معاً.

عن سجى اللامي

شاهد أيضاً

المقابر الجماعية لضحايا الانتفاضة الشعبانية ذاكرة العراق التي لا تمحى

هيئة التحرير/ رصد نيوز استذكار لشهداء الانتفاضة الشعبانية 1991 المقابر الجماعية لضحايا الانتفاضة الشعبانية ذاكرة …