تسعى الولايات المتحدة الأمريكية الى إطالة مدة بقاء قواتها العسكرية في العراق، وإلغاء فكرة الانسحاب من أذهان العراقيين، كونها تعمل على إيجاد ذرائع وحجج، من أجل إيقاف المطالبات العراقية بشأن انهاء وجودها العسكري، خاصة بعد الجرائم التي ارتكبتها بحق أبناء الحشد الشعبي والقوات الأمنية وانتهاك سيادة البلاد.
واجبر تصاعد الضغط الشعبي والسياسي على واشنطن بشأن انهاء وجودها العسكري، على القبول بمفاوضات من أجل تحديد جدول زمني للانسحاب من العراق، إلا ان مراقبين وخبراء في الشأن الأمني شككوا بنوايا واشنطن بالانسحاب، وأكدوا انها تحاول الالتفاف على الاتفاقيات الأمنية المبرمة بين الجانبين كما فعلت سابقاً، خاصة مع رفض مسؤولين في البنتاغون، الحديث عن الانسحاب من العراق والتأكيد بأن المفاوضات هي لتعزيز التعاون الأمني.
وتحدّثت وسائل أعلام أمريكية عن المباحثات بين واشنطن وبغداد، وأكدت انها قد تطول الى أكثر من خمس سنوات، الأمر الذي يرفضه الجانب العراقي الذي يريد انسحاباً عسكرياً كاملاً غير مشروط، وهو ما يفتح الباب أمام عودة توتر العلاقات بين الطرفين، خاصة وان المقاومة الإسلامية في العراق أعلنت عن تعليق عملياتها مؤقتاً ضد قواعد البيت الأبيض في المنطقة حتى تفسح المجال أمام الحكومة العراقية، للبدء بمباحثات انهاء التواجد العسكري الأجنبي، وان أي خلل فيها يعني عودة الاستهداف.
وتشكك أطراف سياسية من اعلان واشنطن انسحابها الكلي من العراق، كونها تبحث عن انسحاب شكلي قد يتمثل بسحب بعض القطعات واستبدالها بأخرى.
ويقول الخبير الأمني، فاضل أبو رغيف، إنه “ليس بالبعيد ان تلتف الولايات المتحدة الامريكية على الاتفاقيات بين الطرفين، لأنها لا تريد الانسحاب من الأراضي العراقية، على اعتبار ان العراق نقطة استراتيجية مهمة في الشرق الأوسط”.
وأضاف أبو رغيف، أن “التحالف الدولي مهمته مزدوجة عسكرية وللاستشارة والتدريب وتبادل الخبرات، وهي وجدت مع ظهور تنظيم داعش الاجرامي بطلب من العراق، وبالتالي سترحل بطلب أيضا، مشيراً الى ان جميعها تحت أمرة الولايات المتحدة الأمريكية”.
وبيّن، ان “الولايات المتحدة الأمريكية، لا تريد الانسحاب من العراق، وستعمل على وضع العراقيل أمام أي مساعٍ لإنهاء وجودها، خاصة وان المنطقة فيها مشاكل كثيرة، والانسحاب لن يصب في مصلحة أمريكا”.
وتشير مصادر عراقية واسعة الاطلاع، الى إن المحادثات بين الولايات المتحدة والعراق حول إنهاء وجود التحالف العسكري الذي تقوده واشنطن في البلاد، قد تستمر لما بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في تشرين الثاني المقبل.
وتؤكد المصادر نفسها، أن “الولايات المتحدة تماطل بشأن عقد اللقاءات واجراء المباحثات مع الجانب العراقي، وأبلغت الحكومة العراقية مراراً، بأن الانسحاب لن يكون فورياً وقد يمتد لسنوات عدة”.
من جهته، يؤكد الخبير الأمني عقيل الطائي، ان “الولايات المتحدة الامريكية سوف تستخدم أوراق ضغط ضد العراق منها، التهديد بالتنظيمات الإرهابية، والعمل على إثارة المشاكل الداخلية في البلاد”.
وقال الطائي، إن “واشنطن غير جادة في مسألة انسحابها من العراق، وهي تحاول الالتفاف على المفاوضات، لأنها تعلم جيداً ان خروجها من العراق بهذه الطريقة يعني، انتصاراً لمحور المقاومة الإسلامية، وهو ما يخشاه قادة البيت الأبيض”.
وأضاف، ان “العراق لم يعد بحاجة الى التحالف الدولي ولا غيره من القوات العسكرية الأجنبية، لانه يمتلك جهازاً أمنياً متكاملاً وهو بحاجة فقط الى منظومة دفاع جوي، لحماية سمائه من الخروقات الأمنية”.
وأطلقت بغداد وواشنطن في كانون الثاني، محادثات لإعادة تقييم وجود التحالف في العراق، وتحديد جدول زمني للانسحاب الكامل من العراق، إلا ان تلك الاتفاقات جُمّدت غالبيتها لحين الانتهاء من الانتخابات الأمريكية المزمع انطلاقها في العام الجاري.
شاهد أيضاً
المرصد السوري: مقتل أكثر من 1018 مدنياً علويا في عملية أمنية بمناطق الساحل السوري
المرصد السوري: مقتل أكثر من 1018 مدنياً علويا في عملية أمنية بمناطق الساحل السوري هيئة …