رصد نيوز الدولية رصد نيوز
مقالات مشابهة
يعد القاص خضير فليح الزيدي واحدا من الكتاب العراقيين القلائل الذين يجيدون الكتابة ذات السخرية اللاذعة من الارهاب ومآسي الحروب التي مرا على العراق طوال عقود حكم الطاغية المقبور وقد كتب روايات وقصصا في هذا المعنى ومنها مجموعته القصصية “حذاء أحمر بكعب عال” والتي كتبت عنها دراسات نقدية ومنها هذه الدراسة التي كتبها الناقد يوسف عبود جويعد والتي يقول فيها:في المجموعة القصصية (حذاء أحمر بكعب عال) للقاص خضير فليح الزيدي ، نشهد حالة من التنوع السردي القصصي، في الأفكار والثيمات، مع إنتقالات كبيرة،عبر الأزمنة والامكنة، تمتد من حرب الثمانينات وحتى وقتنا الحاضر، مع الإختيار الموفق للشخصيات ، والأحداث، التي إمتزجت بين الواقعية النقدية، والأدب الساخر،بلغة مطعمة ببعض المفردات المتداولة بين الناس ، والتي تساهم بسحب المتلقي بمتابعة النص من خلال الإشارة السيميائية التي يطلقها النص ليؤكد له بأن تلك النصوص جاءت نتيجة المتابعة اليومية لواقع الحياة في البلد، ولكل حقبة زمنية ظروفها ونوع الحياة التي يعيش فيها الناس ، كونها تتلون وفق متطلبات الظروف البيئية والحياتية والتاريخية وما يحدث ، مثل الحرب ، ومانتج عنها وماحصل فيها ، والظروف التي احيطت بالناس في وقتها ، وماحصدت الحرب من شباب محرقة لها ، وكذلك نتابع عبر النصوص ، ماحصل بعد التغيير بعد الاطاحة بالنظام الحاكم عام 2003 ،حيث حرب الطائفية، والقتل على الهوية ، والفوضى التي حدثت في البلد وما خلفته من تداعيات سيئة تسببت بضحايا كثيرة من أبناء هذا البلد،والقتل في الشوارع “.
انها نصوص تحاكي هذا الواقع، بإقتناص أحداث من داخل هذا الواقع بلغة سردية مركبة بين السخرية والنقد اللاذع، مع التأكيد لنشر الوعي المطلوب من أجل الخروج من تلك الأزمات،وكذلك نجد إنتقالة أخرى للعالم المفترض ، العالم الازرق ومن خلاله سنتابع بعض النصوص السردية القصصية التي واكبت عصر التطور والتقنيات التي دخلت في حياتنا ، وهي من الطبيعي تمخضت وانتجت أدبا جديدا من خلال هذا العالم ، والمحادثات والصور والمكالمات عبر (الماسنجر)
سنتابع في هذه المجموعة القصصية بعض النماذج القصصية التي تنتمي الى الخيال العلمي ، والتي تميل الى سوداوية الحياة وقسوتها ، إذ ما من حدث من تغيير نحو الأسوء، وإذا ما إنتشر السلام والخير والمحبة، كما تضم هذه المجموعة قصة طويلة ، وبهذا يعيد القاص خضير فليح الزيدي الحياة لنمط من الانماط شاء أن يندثر ويطويه النسيان، وهو نمط نحتاج الى الاهتمام به لما يشكله من أهمية في تناول النصوص الادبية القصصية التي تحتاج الى مساحة كبيرة ، دون الأخلال بسياقها الفني الذي ينتمي الى القصة وليس الى الرواية،فالفارق بينهما كبير بسبب نوع التناول في هذا النمط الذي يعتمد التكثيف الصعب ويظل محافظ على قوامه القصصي ،ولكي نكتشف ما ذهبنا إليه علينا إختيار نماذج من هذه المجموعة القصصية للوقوف على جانبها الفني ، في قصة (كمان بوتر وحيد)يضعنا القاص مع واحدة من الوقائع المؤلمة والتاريخية التي شهدتها البلاد عندما تم غزوه من قبل الغربان الناعقة، الدواعش، التي عبثت بهذا البلد ونحرت الرجال في الشوارع، وسبيت النساء ، ويحدثنا بطل هذا النص الرسام شوقي الذي نجا من براثنهم،ليهرب عبر عدة دروب ومخاطرمهاجراً الى المانيا، حيث استضافته أحد القنوات الفضائية هناك ليتحدث عن حكايته، حيث الحت عليه زوجته أن يهرب الا أنه ظل يواجه مصيره، وأمام جمع غفير من المحتشدين أرادوا نحره ، الا أن زوجته تقدمت وقالت، إقتلوني بدلاً عنه لتفديه بنفسها، حيث تم نحرها أمام عينيه:
( – وماذا فعلوا بزوجتك هل رجموها ؟
لا فالرجم بالحصى للزانية ياسيدي . بل تم نحرها أمامي بخنجر أعمى . وكان عليّ الثبات في موقعي . لم اتحمل فسقطت على الأرض منقطعاً عن مواصلة ذلك المشهد الذي تمتع به جمهرة شباب القرية ، كانوا يرقصون ويدبكون على صيحة خارقة من ” الله اكثر ” بعد أن جمعوا لوحاتي وحرقوها كلها نكاية بي . ) ص17
أما قصة (إبنة خالة الحرب ) وهي القصة الطويلة في هذه المجموعة ، فيها تفاصيل مكثفة وكبيرة عن الحرب وما تخلفه وما تتركه من آثار مدمرة في وجدان ابناء هذا البلد، حيث سنتابع حياة جميل مع زوجته التي انجبت له اثنين من الابناء ، الا أنه يلتحق الى جبهة القتال ويستشهد فيتزوجها صديقه حرب ، وتفاتصيل شيقة سوف بتابعها المتلقي في هذا النص .
المجموعة القصصية ( حذاء أحمر بكعب عال ) للقاصي خضير فليح الزيدي ، انتقلت بنا لحقب زمنية امتدت من ثمانينات القرن الماضي وحتى الوقت الحاضر وقدمت لنا نماذج قصصية تنتمي لتلك الازمنة والامكنة بلغة سردية ساخرة لاذعة.
