حكمة الإمام علي (ع)

FB_IMG_1719303459902-185x300 حكمة الإمام علي (ع)
علي الخياط
عرف علي (عليه السلام ) بحكمته ودرايته بل ودهائه لولا إنه كان يخشى الله، وقد رد على من وصف عمرو بن العاص بالداهية ، إنه ليس بأدهى منه . لكن علياً ليس كعمرو بن العاص ليكون في موضع المراهن على الدنيا ومطامعها ، بل وفر كل جهده ووقته وعلمه وإنسانيته وسني حكمه القليلة للإسلام وللإنسان، وجسد معالم البطولة الفذة في حروب المسلمين ضد المشركين. في الإسلام كان الإمام علي مدافعاً عن الحق مشاركاً في معارك الرسول صلى الله عليه وآله ، وبعد وفاته تصدى للمارقين والقاسطين والناكثين في معارك شرسة خلدها التاريخ الحافل بأمثالها ولكنه لم يحفل بمثل علي ، كان المسلمون يلوذون به في الملمات ، وكان الطامعون في الحكم الذين لا يستطيعون مجاراة حاجات الإنسان يهرعون إليه في كل نازلة ، يطلبون عونه ، حتى آشتهر عن أحد الصحابة قوله “لولا علي لهلك فلان”، وقوله “لا أبقاني الله لمعضلة وليس لها أبو الحسن”، فكان يجيب عن الأسئلة ، ويقضي بين الناس، ويدير شؤون الحكم والحرب ، ويعمل بالأجرة لكي لا يأكل من مال المسلمين، ويصر على الجشب والخشن من الطعام ليوفره للفقراء والمعوزين، وكان يكنس بيت المال بيده ويطفئ القنديل حال انتهائه من عمله ،بل ووضع جمرة بيد أخ له حين طلب منه مالاً ليعرفه بأن أموال المسلمين تتحول إلى نار في الآخرة لا ينجيه منها أحد ولا يشفع بها أحد. لم يكن علي قاضياً ولكنه تولى القضاء خصماً وقاضياً، ولعل قصة الدرع التي رفعت لشريح القاضي وكان الخصم فيها يهودياً تثبت معاني عدة نستخلصها من سيرته عليه السلام في القضاء فهو يرفض الوقوف متميزاً عن خصمه وطلب إلى القاضي أن يعامله كما يعامل خصمه ، ولا يميز بينهما لمجرد أنه الخليفة ، ثم يقبل الحكم الصادر بحقه مع إنه يعلم الحق ويدريه الى جانبه وإن الدرع ليست لليهودي بل له ، بل ويدري القاضي شريح عن أن علياًًً على حق ، ولكنه كان يوافقه لكي يظهر للناس عدله ، وليس تمثيلاً بل حقيقة وصدق وإيمان بالعدالة الإنسانية ، فهو نصيرها في كل نازلة ، حتى إذا رأى اليهودي منه ذلك التواضع وعرف منه تلك الإنسانية المتجسدة في ذاتٍ طهرها الله ونزهها من الشرك والضلال وحب الدنيا ، وماذا تقول في رجل عبر الخوف في علاقته مع ربه إلى الحب فقال ” إلهي ما عبدتك خوفاً من نارك، ولا طمعاً في جنتك، ولكني وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك”. وقال فيه الناس إنه العبد الحر في حضرة الله ، فعبادة الأحرار هي عبادة الوالهين بالله لا الخائفين منه. ضُرب المثل بعلي في القضاء والحكم العادل وعدم التملص من المسؤولية ، وكان كلما استعصت مسألة سألوه فيها فأجاب بما يثير التعجب والذهول عند المشككين الذين يصطدمون بالحقيقة وبما يثير الإعجاب ودوام الإيمان والمحبة والتصديق بشخصه العارف العالم القريب من الله المتمسك بروح القرآن الذي لا ينفصل عن سيرة النبي المصطفى (ص) متمسكاً بكل برهان من ربه الذي ارتضاه لمهمة الخلافة الحقة بعد رسوله.

عن يونس العراف

شاهد أيضاً

الانتفاضة الشعبانية 1991 ملحمة عراقية في وجه القمع ومسار نحو الحرية

الانتفاضة الشعبانية 1991 ملحمة عراقية في وجه القمع ومسار نحو الحرية رصد نيوز/ العراق في …