الأمطار.. من السماء إلى جوف الأرض …أزمة عدم استغلال المياه تطارد مصير الزراعة في العراق

يدفع غيث السماء كميات إضافية من الماء لإرواء الأرض وكسر عطش الأنهار التي دمرتها سدود الاتراك والجفاف منذ أعوام، الا ان تلك المياه على ما يبدو لن تصمد امام غياب التخطيط والفوضى التي تدفع بمليارات الامتارالمكعبة من الماء نحو البحر لتقليل تأثير اللسان الملحي، مع بقاء الخطر الذي يهدد الاهوار قائما من دول حلول.
وشهدت بغداد والمحافظات الأخرى زخات مطرية كبيرة كانت من الممكن ان تدفع برفع مستوى منسوب البحيرات من خلال تخطيط استراتيجي قد يقلل من حجم الخطر الذي يلاحق العراقيين منذ سنوات إزاء قلة الاطلاقات المائية من تركيا التي نسفت كميات كبيرة من الحصة المقررة للبلاد.
ويقول مختصون في الموارد، ان الحل الأمثل يكمن في أهمية ذهاب وزارة الموارد المائية نحو اقامة سدود على الأنهار في المناطق الوسطى والجنوبية لمنع هدر الثروة المائية، مشيرين الى ضرورة وضع خطط رصينة لتقليل الهدر الحاصل في الثروة التي تسببت بجفاف ملايين الدونمات وانهكت القطاع الزراعي.
وينصح خبراء رئيس الوزراء الذي زار البصرة مؤخرا واعلن اطلاق اضخم مشروع لتحلية المياه في المحافظة بأهمية ان يعاد النظر بتلك الكميات الكبيرة من المياه لتكون من حصة الاهوار والمشاريع الإروائية الأخرى التي من الممكن ان تكون حلا للكثير من الأراضي.
ويؤكد الخبراء، ان دور الموارد المائية في البلاد لا يزال ضعيفا ويعتمد على خطط لا يعول عليها في الحل، لافتين الى ضرورة ان تكون السنوات المقبلة طريقا لإنهاء الازمات التي تعانيها البلاد بسبب الإهمال الذي لا زال يهدد نهري دجلة والفرات خصوصا في فصل الصيف.
ويشير الخبير الاقتصادي على كريم اذهيب الى جملة من المعوقات التي تنسف جهود السيطرة على الثروة المائية في المحافظات في مقدمتها التجاوزات الحاصلة على الأنهار.
ويبين اذهيب ان “هناك الكثير من المشكلات التي تواجه توزيع الثروة المائية في المحافظات في مقدمتها التجاوزات من قبل بعض المزارعين والتي يصل أغلبها الى أزمات عشائرية، الامر الذي يقف عائقا امام عمل الوزارة، داعيا الى ضرورة الاستفادة من تخزين مياه الامطار لدفع مخاطر الجفاف في الصيف”.
ولا يزال العراق يراوح في طريق ازمة المياه مع أنقرة رغم المفاوضات بين البلدين التي كثيرا ما انتهت الى الفشل، فيما تستغل تركيا هذا الملف كوسيلة للابتزاز رغم ان العراق يمتلك اقوى الملفات الضاغطة في مقدمتها التجارة المفتوحة على مصراعيها في السوق العراقية.
ورغم محاولات الحكومة للتوجه نحو تقنين الري وحفر الابار في بعض المناطق واعتماد طرق السقي الحديثة، الا ان ذلك لن يكون حلا نهائيا للازمة التي تحتاج الى قطع دابر الازمة من جذورها من خلال التوصل الى اتفاق مقبول مع تركيا لعودة انفاس الأنهار مجددا وإبعاد مخاطر الجفاف التي تضرب المحافظات العراقية.
ويعول الشارع على تحركات حكومية مدروسة قد تفضي الى حل لاغلب الازمات التي يعاني منها العراق طيلة العشرين عاما الماضية، خصوصا مع بوادر أولية للعمل على إنهاء عقدة البنى التحتية وتنشيط حركة السوق ووضع لمسات أولية لمشاريع تنموية في محاولات لدفع عجلة الإنتاج الى الامام، وقد يعزز هذا العمل إمكانية التوجه نحو ردم أزمة المياه التي تترقب هي الأخرى إنهاء كارثتها التي استمرت لسنوات.

عن يونس العراف

شاهد أيضاً

حيلة “مثيرة” في الموانئ: تكديس الحاويات وتأخير الشاحنات لجمع غرامات “مليارية”

وصف احد سائقي شاحنات نقل البضائع من موانئ البصرة الى محافظات العراق كافة، ما يحصل في الموانئ بأنه “قصة …