يونس جلوب العراف
الانتفاضة الشعبانية هي ثورة شعبية شهدتها مناطق جنوب، وشمال العراق، وقعت مباشرة بعد حرب الخليج الثانية وبدأت بتاريخ في الثالث من آذار لعام 1991م وتسمى بالشعبانية لقيامها في شهر شعبان، من العام الهجري، وسميت من قبل الأكراد بالانتفاضة الوطنية، شملت قيام مواطنين عزل
بمحاصرة المعسكرات، والدعوة إلى إسقاط النظام، وبعد قيام القوات الصدامية بعمليات قمع للمواطنين، تحول الأمر إلى انتفاضة شعبية مقابل قوات قمعية من الجيش الصدامي (بأسلحتها وآلياتها العسكرية)، يتقدمها الحرس الجمهوري ضد المواطنين العراقيين المنتفضين وعناصر من فيلق بدر التابع للمجلس الأعلى الإسلامي في العراق إضافة لمقاتلين من الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني وكذلك مسلحون من المواطنين العراقيين في الجنوب والشمال .
واندلعت الانتفاضة في أربعة عشر محافظة من أصل ثمانية عشر، واستمرت الانتفاضة ما يقرب الشهر، وفي أول اسبوعين كانت ناجحة وسيطر أبناء الشعب العراقي الثائرين على مدنهم وأسقطوا حكم صدام فيها لكن مؤامرات الدول الكبرى وعربان الخليج واطلاق يد الطاغية في ضرب المنتفضين وقصف أضرحة اهل البيت في النجف الاشرف كربلاء المقدسة وقصف حلبجة بالكيمياوي أسهم في قمع الإنتفاضة الشعبانية في جنوب العراق و كردستان العراق.
ان الطاغية المقبور صدام ونتيجة لما قام به ابناء الشعب المنتفضون من اسقاط له في أربعة عشر محافظة في الجنوب والشمال قام بالانتقام الجماعي ضد السكان ما ادى الى نزوح 2 مليون لاجئ وقام كذلك بتجفيف وتدمير الاهوار في دجلة والفرات تدمير العديد من البنى التحتية العراقية والمنازل في هذه المحافظات من خلال قصفه بالطائرات والدبابات والصواريخ للمدن المنتفضة .
بدأت الانتفاضة من مدن جنوب العراق، وتحديداً مدينة البصرة بعد انسحاب الجيش العراقي من الكويت وتدمير آلياته من قبل القوات الأمريكية، الامر الذي اضطر الجنود العراقيين للعودة سيراً على الاقدام إلى العراق، وعلى إثر هذا قام أحد الجنود العراقيين في فجر الثاني من أذار من عام 1991 بإطلاق النار على تمثال للطاغية صدام وانهال عليه بالشتائم، والسباب، وكان هذا في ميدان يدعى ساحة سعد في البصرة لتنطلق شرارة الانتفاضة الشعبانية وانتشرت من الجنوب وإلى المحافظات الكردية، وفي ظل هذه الأوضاع بدأ الطاغية المقبور باستخدام طائرات الهليكوبتر التي أرسلتها أمريكا للنظام بحجة نقل الجرحى والمصابين من الكويت إلى العراق، إلا أن النظام البائد استخدمها بقصف المدن من اجل ايقاف الانتفاضة، ووصل الامر بالسلطة الصدامية المجرمة لاستعمال الأسلحة الكيمياوية ضد المواطنين .
وفي جنوب العراق، وبعد الانتفاضة، بدأ الالاف من المدنيين والجنود الهاربين والثوار بالتوجه إلى الاهوار الواقعة في جنوب العراق، وحينها قامت قوات الحرس الجمهوري والجيش الصدامي بملاحقة واعتقال وقتل الثوار، وفي هذا الوقت تم تجفيف أهوار العراق، من خلال تحويل تدفق نهري دجلة ونهر الفرات بعيدا عن الأهوار مع نقل إجباري للسكان المحليين إلى مناطق أخرى ولم يكتف الطاغية المقبور بهذا بل قام بدفن المواطنين العراقيين أحياء في مقابر جماعية مازالت آثارها باقية إلى اليوم .
الآن وبعد سقوط النظام البائد فإن العراقيين يحتفلون كل عام بذكرى انطلاق الإنتفاضة الشعبانية التي تمثل اول ثورة شعبية حقيقية على الظلم والفساد والاستبداد الصدامي وهي درس للاجيال المقبلة في رفض الظلم والطغيان .
ان خير من يمثل الإنتفاضة الشعبانية الان سياسيا هي الإنتفاضة الشعبانية المباركة نداء العراق وهي حركة سياسية يقودها الامين العام طالب عبدالوهاب الساعدي والذي قال في بيان بمناسبة الذكرى الثالثة والثلاثين لانطلاق شرارة الإنتفاضة الشعبانية :
بسم الله الرحمن الرحيم
من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا صدق الله العلي العظيم
ان احتفاء الإنتفاضة الشعبانية المباركة/ نداء العراق ، بالذكرى الثالثة والثلاثين لانطلاق شرارة الإنتفاضة الشعبانية آذار ١٩٩١ تمثل قيمة الوفاء لهذه الملحمة التاريخية في الثورة ضد الطاغية المقبور صدام وحزبه الكافرعرفاناواحتراما للدماء الشهداء و المضحين في سبيل العراق “.
ان الإنتفاضة الشعبانية هي امتداد تاريخي لثورة الامام الحسين عليه السلام من اجل العدالة الاجتماعية والمساوة وهي الوقت ذاته مقاومةشعبية ضد الطاغية الذي أراد تحويل العراق الى انهار دم من اجل المحافظة على كرسيه فقام بدفن المواطنين العراقيين أحياء في مقابر جماعية مازالت آثارها شاخصة للعيان لا لشيء إلا لكون العراقيين رفضوا ظلمه واستبداده.
ان العرفان الحقيقي الذي يجب تقديمه في الوقت الراهن لدماء الشهداء وتضحيات المضحين من أبناء العراق هو احترام سيادة الدولة والقانون والعمل على محاربة الفساد والارهاب ومحاربة الظواهر السلبية في المجتمع كالمخدرات التي يجب القضاء عليها نهائيا لكونها تسيء للبلاد وهذا الامر هو مامطلوب من الجهات الحكومية المتمثلة بوزارة الداخلية التي عليها أن تكثف من جهودها الكبيرة في هذا المجال وان تضرب بيد من حديد جميع من يريد للعراق الشر والفوضى.
واننا في الانتفاضة الشعبانية نؤكد على ضرورة عدم عودة الأفكار البعثية الصدامية التي جرت البلاد إلى حروب خاسرة ارجعت العراق الى عصور ما قبل الصناعة وفي الوقت ذاته ندعم حكومة الخدمات والقانون من اجل عراق قوي مقتدر على جميع المستويات ..
والله ولي التوفيق .