جدران المدارس ..سبورات مجانية لشخابيط مسيئة للذوق العام

IMG_20240128_120225_891-300x169 جدران المدارس ..سبورات مجانية لشخابيط مسيئة للذوق العام
يونس العراف…
هناك جدار ممتد على الجانبين لمدرسة ثانوية للبنات في منطقتنا هو الأكثر طلاءً (صبغا) خلال السنوات الماضية ،فبين عطلة وأخرى وموسم دراسي وآخر .. وربما أقل من ذلك ، لابد من طلائه ليظهر بالصورة التي هو عليها : (نظيف ، أنيق ومبتهج !!) والسبب في ذلك أنه يتعرض ، طوال السنة، الى كتابات تشوهه ، كتابات من مجهولين ربما : ارقام هواتف ، اعلانات ، اسماء ، كلمات ساذجة وشعر شعبي أو عنوان أغنية ! او قلوب حب وغير ذلك ، فضلا عن رسومات بلا معنى ، تغطي مساحات واسعة منه او ملصقات عشوائية .
وكلما أمرُّ بجانب هذه المدرسة على مرّ السنوات أنتبه الى هذا الجدار وهو مشوه بالصبغ الاسود وأحيانا بالالوان بواسطة (سبريه الرش)، مما تضطر ادارة المدرسة الى اعادة طلائه ولكن دون فائدة .
في آخر مرة ،شعرت بالارتياح للوجه الابيض الجديد للجدار متمنيا ان يكف الآخرون عن تشويهه واحترام البناية كونها مدرسة للبنات !! ذلك ما قاله الكاتب عبد الجبار العتابي فيما قال الطبيب النفسي هادي علوان إن: “بعض الأفراد عندما يتعرض للانتقاد والسخرية والغضب يتأثر نفسيًا مما يجعله يُعبر بطريقة خاطئة عن مكنوناته بهدف التخلصِ من الشعور بالمعاناة والحزن الذي يعاني منه، خاصة في مرحلتي الطفولة والمراهقة، لأنهما مرحلتا التعبير عن الانفعالات دون وعي بالآثار السلبية والنتائج المترتبة عليها والتي قد تؤدي الى السجن في بعض الاحيان”.
ويوضح علوان ، أسبابا اخرى لهذه الظاهرة اذ يقول إن”بعض الأطفال وكذلك المراهقون يلجأون إلى الكتابةِ على الجدار بهدف إيصال أفكارهم وطلباتهم الخاصة للمحيطين بهم سواءً كانوا من الأسرة أو المعلمين أو الزملاء أو الأصدقاء، ولذا نجد أن أكثر الجدران التي تشهد كتابات هي جدران المدارس”.
هذه الظاهرة لها جذور كثيرة فمن الأسباب الرئيسة هي الاجتماعية التي ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بتأثير العوامل التي يعيشها الشخص في بيئته سواءً كانت إرادية مثل تقليد ومحاكاة الآخرين من الجداريين، أو كانت غير إرادية ويقصد بها الأسباب الخفية واللاشعورية التي يتحكم بها العقل الباطن وتقود الشخص إلى السلوك السلبي رغمًا عنه” وهذا ما يراه المشرف التربوي سعد السوداني ويؤكد ان “الكتابة العبثية على الجدران تمارس بشكل غير حضاري، ويعود ذلك إلى سبب رئيس يتمثل في غياب الوعي والشعور بالمسؤولية في ظل الافتقاد إلى التوجية الأسري، وعدم الحزم في تعديلِ هذا السلوك السلبي.
وعلوان ولكونه طبيبا نفسيا ،أضاف ان” دراسات علمية أصدرت تعريفات عدة لهذه الظاهرة، وترى أنها عبارة عن أسلوب تعبيري عن الحالة النفسيّة للفرد باستخدام الكتابة أو الرسم بهدف إيصال أفكاره للآخرين،و تتحكم فيها الحالة النفسية للإنسان، مثل الشعور بالنقص، والحاجة إلى لفت الانتباه، وكذلك الرغبة في الإساءة إلى الآخرين والانتقام منهم”.
في المقابل ليس هناك ماهو ثابت في تناول هذه الظاهرة إذ يرفض العتابي وعلوان والسوداني ما يشير إليه البعض من أن الكتابة على الجدران تمثل حالة إبداعية، ويقولون :بين الإبداع والاندفاع هناك فارق، ليس كل عمل جداري إبداعيًا، لكنه بالضرورة تفريغ للطاقة دون أدنى شك، سواء كان ذلك التفريغ بنّاءً أم هدامًا ويبقى الاحتمال بين الإبداع والاندفاع متأرجحَ الحكم، ويعود الأساس للبت فيه إلى ما هو مكتوب، وما يتم نقده عبر تلك الكتابة”.

عن يونس العراف

شاهد أيضاً

المرصد السوري: مقتل أكثر من 1018 مدنياً علويا في عملية أمنية بمناطق الساحل السوري

المرصد السوري: مقتل أكثر من 1018 مدنياً علويا في عملية أمنية بمناطق الساحل السوري هيئة …