واشنطن تبعث رسائل في خضم التحديات السياسية بالعراق وسط استقواء القوى الأجنبية في الساحة السياسية
هيئة التحرير/ رصد نيوز الدولية
إن استخدام الاستقواء بالقوى الأجنبية في الساحة السياسية العراقية لا يعد حلاً مناسباً أو برنامجاً انتخابياً ناجحاً، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بمواجهة أبناء البلد. تصريحات السياسيين التي تتبنى هذا النهج، لا سيما تلك التي تشدد على حاجة العراق لتوجيه رسائل عبر شخصيات عراقية، تظهر عدم الوعي بحقيقة أن الأمريكيين ليسوا في حاجة لهذه الوسائل. كما أن التوجه نحو دعم الخارج على حساب المصلحة الوطنية ليس سلوكاً مقبولاً في الأعراف العشائرية التي تأبى أن يُخفي ابن الأصول أسراره عن أهله.
في الواقع، العملية السياسية في العراق اليوم، تشهد تجمعاً غير متوازن يشمل الفاشلين، الإرهابيين، الخونة، والعملاء، مما يخلق بيئة غير صحية للانطلاق نحو مستقبل سياسي مستقر. ولعل أبرز التحديات تكمن في الخطاب التخويفي الذي يُطرح في بعض الأوقات، إذ أنه في هذه المرحلة الحرجة لا يمكن أن يكون التخويف أو التهديد وسيلة للبناء السياسي، بل هو مجرد رسائل فارغة تُحاكى على منصات التواصل الاجتماعي دون أي تأثير حقيقي.
أحد التساؤلات الكبرى التي تطرح نفسها هي: “ما هو سبب استهداف العراق؟” سؤال تظل الإجابة عليه غامضة، مع تشكيك واسع حول دوافع العقوبات الأمريكية على البلاد، والتي يرى البعض أنها تُستخدم كأداة لتحقيق الطموحات الشخصية لبعض السياسيين العراقيين. ومن جهة أخرى، يشير البعض إلى أن الإدارة الأمريكية تحت قيادة ترامب لم تكن بحاجة لتكليف بعض الشخصيات العراقية للقيام بمهمة إيصال رسائلها، حيث كان الأجدر بتلك الشخصيات التركيز على تحمل المسؤولية بدل الانزلاق في لعبة التهديدات.
تأثيرات النظام السياسي والمنطقة على العراق:
إن النظام السياسي العراقي تأسس بطريقة غير سليمة، تتحمل مسؤوليته بشكل كبير الولايات المتحدة، حيث يواجه الشيعة اليوم ضغوطاً شديدة بفعل تمسكهم بالحكم الذي يعرضهم للابتزاز السياسي. في هذا السياق، يبرز خيار الاستقلال بحكم المحافظات الشيعية كحل واقعي لمواجهة هذا الابتزاز، في وقت أصبحت فيه سوريا تفتت إلى كانتونات متناحرة بين قوى إقليمية ودولية.
على مستوى المواجهات العسكرية، أثبت الشيعة في العراق أنهم كانوا في طليعة المدافعين عن وطنهم ضد القوات الأمريكية، التي دخلت البلاد عبر المناطق السنية ودول إقليمية سنية، ليواجهها الحشد الشعبي الذي لا يعد توجهه طائفياً بل وطنياً. وفي الوقت ذاته، تواصل الحكومة العراقية الجهود لتمرير قانون الحشد الشعبي لضمان استمرارية العمل على الأرض.
وعلى الرغم من التحديات السياسية، تسعى بعض الأصوات الوطنية لتغيير مسار السياسة الاقتصادية من خلال مشاريع مثل إعلان البصرة منطقة تجارة حرة، وهو مقترح يهدف إلى تحويل المدينة إلى مركز اقتصادي عالمي قادر على منافسة دبي، بعيداً عن الفساد وابتزاز الحكومات الإقليمية.
التحديات السياسية والاقتصادية في العراق:
الوضع الاقتصادي في العراق يعكس بوضوح فشل الحكومة في اتخاذ قرارات حاسمة، وهو ما أدى إلى تراكم الديون وزيادة حجم المديونية التي تثير قلق السياسيين. وعلى الرغم من هذا الوضع الصعب، لا تجد الحكومة أي دعم حقيقي من البرلمان الذي يواجه إغلاقاً على مستوى الحوار مع الحكومة، مما يجعل العراق عرضة لمزيد من الأزمات الاقتصادية.
الأيام القادمة ستشهد تحديات سياسية واقتصادية كبيرة، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المقبلة. في هذا السياق، يرى العديد من السياسيين العراقيين ضرورة إقرار قوانين انتخابية قادرة على الحد من استغلال المناصب في الدعاية الانتخابية، حيث يتعين على السياسيين أن يتحملوا المسؤولية كاملة دون الانزلاق إلى خطاب الوعيد.
وفيما يتعلق بالعلاقة بين المكونات العراقية، يرى البعض أن الشيعة بحاجة إلى تنويع خياراتهم بعيداً عن التمسك الحصري بالحكم، وذلك لتفادي الابتزاز السياسي وإرساء أسس شراكة حقيقية بين كافة مكونات المجتمع العراقي.
من الواضح أن العراق يمر بمرحلة حساسة تتطلب قدراً كبيراً من المسؤولية والواقعية من قبل القادة السياسيين. ينبغي أن تتوقف جميع الخطابات المتعالية أو التهديدات الفارغة وأن يحل مكانها العمل الجاد في معالجة قضايا العراق الداخلية من خلال بناء وطن قائم على العدالة والفرص المتساوية لجميع أبنائه.