سالم رحيم عبد الحسن
(أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني أعرفه بنفسي) هكذا صدح صوت الإمام علي بن الحسين في حضرة يزيد اللعين، معرفًا بنفسه للذين التبس الحق عليهم فلم يفرقوا بين الناقة والجمل. ولمن لم يعرف ميسان، سنحاول جاهدين أن نعرّفها بنزر بسيط : هذه المدينة المعطاء التي حباها الله من كل شيء، فلم يدخر عليها مكرمتين؛ أولها، وليس آخرها، كرم أهلها وشجاعتهم.
لقد تحولت هذه الصفات من ثقافة مجتمعية إلى ملكات تعيش في وجدانهم، دون أن تشوهها التملق والافتخار. كرمهم كما يصفون: “لا رجوه ولا دروه” بمعنى أنهم يطعمون الطعام لوجهه تعالى، لا يريدون جزاءً ولا شكورًا. كما قالت: “فدعه أخوي العبد والضيف أغاته.”
أما شجاعتهم فحدث ولا حرج، فهم المتقدمون إذ حمي الوطيس، ولتحمت الكتائب. ولهم في كل واقعة شاهد، فهم مجاهدون بالفطرة، حملوا عباءة الجهاد في زمن قل فيه المناصرون، وأووا إخوانهم المجاهدين في بيوتهم البسيطة والكبيرة في معانيها السامية.
لا يوجد من المجاهدين إلا وكان له في ميسان حكاية ورواية، والحق يقال: بأن الذي يرغب في قياس وجوده الحزبي على الساحة، عليه أن يتفقده في ميسان، لأنها كما أسلفنا مسيسة بالفطرة. وعليه، فإنها تستحق أن تعوض بعد معاناة، وأن تكرم بعد توهين، وأن يخلف الله عليها بقادة يحسنون برها، ويريحون تعبها من بعد طول عناء.