يعد القاص عبد الله حرز البيضاني واحد من كتاب القصة القصيرة الذين اثاروا الانتباه الى موهبتهم عبر مجامعيهم القصصية خلال السنوات الاخيرة ولعل ابرزها “عندما يهتز الجسر طرباً” وقد كتب عنها العديد من النقاد ومنهم الناقد يوسف عبود جويعد الذي ننشر دراسته “رصد نيوز الدولية ” والتي قال فيها:
ان المجموعة القصصية ” عندما يهتز الجسر طرباً” للقاص عبد الله حرز البيضاني، تنمُّ على معرفة المؤلف بشكل تام ودقيق للسياق الفني الصحيح، لفن صناعة القصة القصيرة، من حيث شكلها ومضمونها، واستخدام عناصرها وادواتها وتقنياتها وركائزها الأساسية، وهو دليل على أن المؤلف قد مارس كتابة القصة القصيرة منذ وقت طويل حتى يتمكن من صناعة قصة قصيرة تحمل كل مقومات عملية بناءها من حيث الاحداث والزمان والمكان والشخوص والثيمة، أضافة الى تلك اللغة السردية المنتقاة والتي اجتمعت فيها معانٍ كثيرة، فهي شعرية، حسية،تنبعث من أعماق الذات بمسحة روحية شفيفة، وهي هادئة تمنح المتلقي رحلة في رواق تلك النصوص، التي تأخذك للماضي حيث ريف الجنوب الجميل وحكاياته الشيقة ،ولكأنه كاد أن يلامس نمط الواقعية السحرية، بإيقاعها وانسياب عملية حركة الأحداث، وتوحدها وتفاعلاتها مع بعضها الى حد كبير لتكون كتلة متماسكة تتناغم بإنثيالاتها.
القصة القصيرة الاولى في هذه المجموعة ” عندما يهتز الجسر طرباً” والتي حملت المجموعة القصصية عنوانها، للنتقل الى ذلك الصبي الذي يُذهل لصوت ناي ينبعث من ضفة النهر، وهو لحن شجي حزين، وهو يعشق صوت الناي فيقترب أكثر، ليجد رجل يصدح بصوت الناي وسط حركة الامواج الخفيفة تحيطه خضرة البساتين، ويتدفق هذا النغم الى روح الصبي، ويظل يتابعه كل يوم، وذات يوم جاء الى النهر، فلم يسمع صوت وعندما اقترب وجد الرجل يحمل الناي ولكنه لايستطيع الاستمرار بتقديم هذا النغم لكبرسنه :
بينما نكون مع القصة القصيرة ” الحرية تشف من الجهة الأخرى” التي تقدم لنا البطل المأزوم الذي يفر من البلاد هرباً مما حدث فيه، ومن النفاق والكذب والوجوه المخادعة، بعد ان تعرض الى اعتقال وتعذيب وتهميش لانسانيته، وبعد هذه السنين الطوال يلتقي بجلاده في نفس القطار الهارب المسافر:
” تستطيع يا ممتاز أن تلعب معه.. هو الآن عبارة عن نزوة يلتحف بها كيانه… يريد وبإصرار أن يقتلها في حضرة أي مومس يصادفها، أنت الأقوى الآن.. هل تستطيع أن تدعوه.. أن تثأر لنفسك..أن تستدرجه الى حيث تريد.. هل تستطيع يا ممتاز .. صرير عجلات القطار وارتجاجه أثناء الوقوف.. أيقظه من أفكاره..ألتفت الى صاحبه ذي العينين الزرقاوين لم يجده بجانبه أخذت عيناه تمسح النازلين وجدهم يحملون أمتعتهم فوق اكتافهم ألا واحداً منهم كان يحمل ذكرياته فوق أكتافه (ص 27 ) “.
وهكذا تنتهي هذه القصة بنهاية مفتوحة كسابقتها، ومن أجل أن أتحقق من صدق نبوءتي عن الزمن الذي قضاه المؤلف في ممارسة كتابة القصة قال: أكتب القصة من سبعينات القرن الماضي الى الآن، وهي دليل قاطع على أن القاص الذي يمارس كتاباته القصصية لزمن طويل، تكون القصة لديه ناضجة مكتملة البناء، وتكون اللغة ساحرة مؤثرة تشد القارئ وتسحبه بسحرها الأخاذ.
وفي عملية بناء قصصي ينتمي الى الواقعية السحرية في صياغتها كسابقاتها وما تلاها من قصص، نجد أن القصة القصيرة ” سحابة في منام” حيث نتابع أحد المزارعين، وهو يزيح الطين عن الماء ليتدفق وينساب الى السنابل الخضر العطشة لتتراقص مع النسائم العذبة، ثم ننتقل الى حيث المجلس العشائري، وابنته هنية مربوطة بقطعة قماش لتقدم فصلية لحل نزاع عن قاتل من افراد قبيلته، ويشاهد ابنته وهي تسحب مجبرة الى مصيرها المجهول، رغم اعتراضه وصراخه، الا أننا نتفاجأ بأنه قد استيقظ من حلم مزعج:
وفي القصة القصيرة الأخيرة من هذه المجموعة ” الأجساد المتدافعة” والتي ضمت تسع قصص تراوحت في طولها ومساحتها وسعة احداثها، إذ يقدم لنا القاص في هذه القصة عائلة فقيرة جداً حد الألم، إذ يعتمد رب الاسرة على العمل في البناء ويذهب الى المسطر واحياناً لا يجد عملاً ويعود حزيناً فتضطر العائلة أن يكون غذاءهم خبز وشاي فقد، مما يضطر احد ابناء هذه الأسرة الذهاب الى علوة المخضر وسرقة (رقية) كبيرة تكون عشاء لهم رغم المطاردات، وهي تحمل خطاباً انسانياً يؤكد أن الفقر والجوع والحاجة والعوز، تدفع في بعض الاحيان الى السرقة.
شاهد أيضاً
بعد انتشار “وثيقة”.. ما حقيقة زواج بشار الأسد من هذه الفنانة
ردّت النجمة السورية سلاف فواخرجي على شائعة تداولها مستخدمون عبر وسائل التواصل الاجتماعي تتعلق بزواجها من الرئيس السوري السابق بشار …