قراءة انطباعية في قصيدة
سفرة مجانين للساحر
كاظم أسماعيل الگاطع
بعنوان
مكاشفة بين الحرف والمقصلة
………………………………
يشكل عنوان القصيدة محاولة للمرور من أمام عيون الرقيب بسلام
حيث يلقي بتبعات تسريبه لهذا الكم الهائل من قبح الوجه الآخر للجناة على الجنون وفقدان الأهلية العقلية لمايصدره النص
لكن هل يفلح الشاعر في تفادي الاصطدام بعدما صرح به من الحقائق ومظاهر الأجرام السائدة في زمن كتابة القصيدة
هو يدعي أن هنالك علاقة حب تربط بين طرفي الصراع لكنه يقاوم رغبته في البوح بصوت عال اذ يضيف نعت البارد لهذا الحب
يسبق هذا البوح جملة اخبارية تفيد أنه حاول مرة وأنتهى به الأمر الى أن الصدأ أصاب قفل قلبه ممايعني انتفاء حالتي الفتح والأغلاق
هو حب بارد غير قابل للأشتعال والتوهج لايرتجى منه أي دفء لأستحالة الأشتعال التي تنتج هذا الدفء
هو يخبره أنه حاول الأنخراط ضمن هذا الحب ولو بأجبار نفسه على دخول هذا البيت المسكون وللجملة دلالة الخطورة الكبيرة اذا عرفنا أن البيت المسكون يعني أنه مرتع لسكن الجن ومن هنا جاءت تسمية البيت المسكون
لكن روحه رفضت بشدة ونستشف ذلك من عبارة
مارضت دكت رجل
ودكة الرجل
أستذكار لسلوكيات الطفولة في حالة الزعل حيث يثبت الطفل قدمه على الارض ويضغط عليها بقوة حتى لايزاح من مكانه عنادا منه ورفضا لأمر لايعجبه
لكن مبررات الروح لهذا الرفض
گالت الشرفه كمين
وخوفي من عدها يطل
يستثمر الشاعر أستنطاق الروح الذي يشبه أنسنة الأشياء ليطلق محاذيره الى ماخلف القيم الجمالية التي تمثلت بالقمر والتي هي كذلك الشرفة التي يطل من خلالها خوفه وتشككه بالآخر
هو يقول لنا محذرا
كلشي بيها موحقيقي
ويبني ذلك على مشاهداته التي يشترك معه فيها الجميع
ويعود الى القيم الجمالية الأخرى التي هي القمر هذه المرة ليؤكد
حتى هذا الگمر لعبه
من خلص دوره وطلعنه
نزلوه أهله بحبل
واصفا هذه الأضاءة المصطنعة بعرض محرك الدمى بواسطة الخيوط
في أشارة الى أن الآخر ماهو الأ مهرج مهيمن على المشهد يوحي لنا مايريد أيصاله عبر أعلامه المضلل
وأظنه رسم صورة للتفجيرات التي يكون الأطفال جزءا من ضحاياها وكماهو الحال في المقابر الجماعية أذا يسبق بعبارة
تفرح الناس وتبچي الجرف من تنكتل
ثم يستعرض نوعا آخرا من الطفولة المشوهة وأظنه يشير الى ابناء الرئيس حين يقول
ببتك المسكون مچلوبه النوارس
على الناس جناحها يرامي نبل
وذلك مالمسه القاريء من قتل واغتيال للعديد من الشرفاء بأيدي الصبية المدللين
ثم يستطرد
والتماثيل اتحرك
في أشارة لبعض الفزاعات والأمعات التي كانت كجنود الشطرنج في خدمة مآرب السفاح الدنيئة
وعله طعنات السيوف الحجر يضحك وهو هرم السلطة
وعله المايسوه تطيح الروس جمله
في اشارة الى حروبه الظالمة التي يفرضها مزاجه المريض على جيرانه
والشوارب تنفتل
على ايقاع اناشيده الحماسية التي كانت بمثابة طبول الحرب التي تقرعها قريش في حربها للدين الجديد الذي سفه اصنامها
ثم ينتقل في تسجيل مشاهداته اليومية في هذا الوطن المستلب وعن المواطن المستلب الى قيمتين جمالتين هما
الطيور والحدائق
ويشير من خلالهما الى مسلسلات الدم المستمرة حيث الطيور ملثمة اشارة الختل والغدر وربما كان في ذلك أشارة الى شلال الدم الذي ينطلق راعفا من الخلافات العشائرية حيث القتل والثأر والفصل
ثم يقفز الى تنوع النسيج المكون لطوائف الشعب حيث التعددية لفسيفساء المجتمع العراقي من تعدد الأقليات والطوائف واللغات والديانات والمذاهب بوصف جميل
حيث يعطيها صفة الساقية وهو تشكيل جمالي رائع
لولا انها تضاف الى بيت الطاغية المسكون
يأخذ الشاعر دور الراوي حين يقول
شگد عجيبه الساجيه البيتك عليها ميها كل گطره شكل
ثم يحاور الآخر في مكاشفة جريئة حيث يستعرض التاريخ وتجارب الآخرين معه حين يقول له
اشحصل الگبلي
واجي لبيتك وأخدمه
ومثل الگلوب اشتعل
أي مامصير من سبقوني من انصارك وافراد حزبك وقادة جيشك
ويصور الحال بالشمس التي تنير طول اليوم لكنها تعود ملطخة بوحل الحدائق
وهي كناية تشبيهية عن اللاجدوى من هذه الخدمة لوتطوعت لها
وهو يعود ليؤكد هذه اللاجدوى ونتائجها مستشهدا بمعطيات الواقع الجاثم على قلوبنا
حيث يصف له الحال والحصيلة النهائية التي يضمها ألبوم ذكرياته
كل حصيلة ذكرياتك
كاتل ومكتول صرنه
اذا هو الخراب الذي حل بنا حتى غدونا يقتل بعضنا بعضا
حيث كلاب السلطة تتربض وتطارد المتمردين على هذا التعسف وتقتلهم بدم بارد
وصار الحقد بيننا همزة وصل
ولاينسى الشاعر أن يصفه بالتناقض لكسر آخر مرآة تجمل له مظهره المسالم الوديع أمام الأعلام قائلا
اه يل كلك تناقض
خدك وگلبك عجايب
صوره موطبق الأصل
خدك بلون الوفر ليلة ضباب
وگلبك بلون الكحل
أي وجهك ابيض وقلبك أسود
وتعني تعتيمه على كل الحقائق
ثم يصارحه بمآربه الدنيئة قائلا
وچان همك تستغلني
أي لأصبح أداة طيعة بين يديك
وغصن المكابر بروحي ترشه ذل
لقد استخدمتنا لتحقيق اغراضك وعدوانيتك لكنك اشترطت أن نكون بلاكرامة وكنا لك في اعيادك ممجدين ولأعراس بطولاتك الوهمية طبول تسبح بحمدك
ثم يشير الى خديعة قيام الجبهة الوطنية التي مارسها ضد معارضي ظلمه ودمويته
الجبهة التي اعلن عنها في ١٦ يوليو عام ١٩٧٣
والتي تشكلت عام ١٩٧٤
لأقامة تحالف بين حزب البعث والحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي العراقي والحزب الثوري الكردستاني وقسم مؤيد للحكومة من الحزب الديمقراطي الكردستاني ومستقلين متنوعين
وبحلول عام ١٩٧٩ تم القبض على القيادات وممارسة الاعدامات والنفي وهجرة البعض
وفي عبارة
كاس واحد مره من صحتك شربته
سنين خلاني ثمل
كل هذا يستجمعه الشاعر ثم يشعر بالخيبة والخجل من الشماتة التي يطلقها تساؤل البعض عن مكاسب هذا العمر وهو على مشارف الشيخوخة
وشرد أگل للعيروني
واستحي وهسه شايب مهرتي حجلة طفل
ثم يقسم هذه المسرحية التي يمثلها هذا البهلوان الى فصلين في جملة اخبارية لاتخلو من الترميز والتشفير بأن فصلها الأول قد أنتهى ويهنأه على مروره بهذ اليسر وسهولة ماصادفه من تعذيب فيه وربما هو يشير هنا الى المعركة الأولى التي خاضها بأمر من امريكا وبتحريض وتمويل من العرب وحكام الخليج ثم ها نحن في الفصل الثاني حيث انقلبت عليك امريكا وحلفائها من دول العالم والعرب والخليج
حيث لاوجود للعقل وكأننا وحدنا في جزيرة بلاشهود ولاقيود ولامثل اخلاقية تمنع عنا القتل والأستباحة والظلم في مصير مجهول نستشفه من
نمشي ومغمضين نمشي
وقد وقعنا في الفخ الذي استدرجوك اليه مشبها الحال بعبارة
بالرمل غرز جدمنه
وهو وضع عويص أن يحيط الرمل بقدميك ولاتستطيع منه خلاصا
وتتوالى السنين ولاجدوى من كل نداء أستغاثة وتوسل لأن الرمل أصم لايسمع وهاهو الحصار يطبق علينا بكل ويلاته حيث النقص الكبير في الغذاء والدواء وهذه تشمل الشعب وحده ولاخلاص من هذا المأزق بأعتذارك ولاتجديك أي خيمة تنصبها للتنازلات التي تصل الى حد اقتطاع جزء عزيز من الوطن
فالغربان التي تحلق فوق العراق رسمت وخططت وربما هو التقسيم قادم
…..
شاهد أيضاً
بعد انتشار “وثيقة”.. ما حقيقة زواج بشار الأسد من هذه الفنانة
ردّت النجمة السورية سلاف فواخرجي على شائعة تداولها مستخدمون عبر وسائل التواصل الاجتماعي تتعلق بزواجها من الرئيس السوري السابق بشار …